اخبار المدونة

الخميس، 6 ديسمبر 2012

كل فارغ له صوت وصراخ











كل فارغ من البشر والأشياء له صوت وصراخ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح
إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها، وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة، وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين، فهم كالطفل الأرعن الذي أتى إلى لوحة رسام هائمة بالحسن، ناطقة بالجمال فشطب محاسنها وأذهب روعتها.
 وهؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام، وحججهم صراخ، وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميزا ولا وصفاً جميلا، فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا يذكر مع الموظفين الرواد، ولا مع العلماء الأفذاذ، ولا مع الصالحين الأبرار، ولا مع الكرماء الأجواد، بل هو صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط، ويسير بلا همة، ليس له أعمال تنتقد، فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط، لا يمدح بشيء، لأنه خال من الفضائل، ولا يسب لأنه ليس له حساد
إن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس ويحس بمتعة في تمريغ كرامة الرواد، لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم، ولهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم، فهو منهمك في بناء مجده ونسج ثياب فضله، إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع، ولهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع، مرة الطعم،.
التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث عن الجرح، أما الخيرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوله عسلاً فيه شفاء للناس، إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور، لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها وخسرت فوزها.
اعمل واجتهد وأتقن ولا تصغ لمثبط أو حاسد أو فارغ؛ هبطت بعوضة على نخلة، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير، فقالت النخلة للبعوضة : والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرت ؟!