اخبار المدونة

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

السياسة المصرية.. على فراش الزوجية









الدكتورة ‏آنا‏ ‏دانيال‏.. ‏طبيبة أمريكية شهيرة ‏ ‏توقفت‏ ‏طويلا‏ ‏تتأمل‏ ‏وتدرس‏ ‏مشاعر‏ ‏كل‏ ‏زوجة‏، ‏وماذا‏ ‏يعنى ‏لها‏ ‏الزواج‏ ‏والحب‏ ‏والتفاهم‏ والعلاقة مع زوجها.. ومن بين كثير كتبته دانيال.. كنت دائما أتوقف أمام هذه العبارة التي أكدت فيها أنه ‏منذ‏ ‏لحظة‏ ‏مجيئنا‏ ‏إلى ‏هذا‏ ‏العالم.. ‏تتحول‏ ‏حياتنا‏ ‏إلى ‏كفاح‏ ‏مستمر‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏البقاء‏.. ‏بعضنا‏ ‏ينجح‏ ‏وبعضنا‏ ‏يفشل‏ ‏فشلا‏ ‏ذريعا‏.. ‏لكن‏ ‏مهما‏ ‏كانت‏ ‏درجة‏ ‏الفشل‏ ‏أو‏ ‏قسوته .. ‏فإن‏ ‏الواحد‏ ‏منا‏ ‏مادام‏ ‏يرجع‏ ‏إلى ‏بيته‏ ‏فيجد‏ ‏إنسانا‏ ‏آخر‏ ‏يحبه‏ ‏ويرعاه‏ ‏ويضمد‏ ‏جراح‏ ‏روحه‏ ‏فلن‏ ‏يشعر‏ ‏حينئذ‏ ‏أن‏ ‏حياته‏ ‏كانت‏ ‏ضياعا‏ ‏كاملا..
ولا أنكر أنني عدت منذ أيام فقط لكلام آنا دانيال وما كتبته  ولمقالات أخري.. وأنا أقرأ وأتأكد أن الزوجة المصرية باتت عدوانية وغاضبة وعنيفة إلى حد أن تصبح أكثر زوجة في العالم تضرب زوجها وتعتدى عليه جسديا ولفظيا حسب أحدث الدراسات واستطلاعات الرأي العالمية  وحسب ما أطالع علي صفحات الحوادث بجميع الجرايد المصرية .. ولأنني لا أحب هذه الفواصل التي نضعها في مصر بين الظواهر الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية وبين الواقع السياسي للناس، مؤمنا بعلاقة وثيقة تربط بين كل ما يجرى في هذا الوطن ولكل من يعيش فى الوطن نفسه ،، فمن المؤكد أن الفساد السياسي العام الذي كان سائدا طوال حكم مبارك أدى إلى تفكك حتى على مستوى البيوت وعلاقات الأشخاص بأنفسهم وبكل الشخوص حولهم..
ولأن الرجل وسط كل هذا الفساد والضياع لم يعد آمنا على مستقبله أو قوته أو حتى كرامته فقد أصبح بيته هو معركته الأخيرة لإثبات رجولته واللحاق بمكانته قبل أن تضيع.. وباتت الزوجة بالنسبة لكثير من الرجال هي الشىء الوحيد الذي يمكن أن يملكه في مجتمع متوحش يسرق كل شيء من أى أحد.. باتت الزوجة هي ساحة المسرح الوحيدة المتاحة لاستعراض القوى والنفوذ الذى ضاع في الشارع والمكتب.. وفى الوقت نفسه.. لم تعد الزوجة المصرية في المقابل على استعداد للسكوت أو التصفيق لهذا الممثل البائس المهزوم وهو يحاول القيام بدور المنتصر الزائف.
فالزوجة المصرية بعد ميراث طويل وحزين جدا من القهر والاستغلال لم تعد قانعة.. ولا هي ستقبل سلوك هذا الزوج باعتباره قدرا ليس‏ ‏في ‏وسعها‏ ‏الفكاك‏ ‏منه‏ ‏والاحتجاج‏ ‏أو‏ ‏التمرد‏ ‏عليه‏.. ‏وبدأت هذه الزوجة تعيش قمة التوتر والاضطراب.. فقدت استقرارها النفسي وكل قناعاتها القديمة.. وتوحشت‏ ‏وتبلد‏ ‏لديها‏ ‏الوجدان‏ ‏والحس‏.. ‏أصبحت على استعداد لأن تدير ظهرها لأسرتها وبيتها وأطفالها.. ثم باتت على استعداد لأن تضرب زوجها بعد أن اكتشفت أنه مثلها تماما في هذا الوطن.. ضعيف ومهزوم وخاسر لكل معاركه خارج باب البيت.. وبالتأكيد هناك من سيريحه أن يغلق هذا الملف، مؤكدا أن ظاهرة ضرب الزوجات المصريات لأزواجهن وبمعدلات باتت هي الأولى عالميا.. مجرد ظاهرة عابرة لا تستحق التوقف أو الاهتمام السياسي.. أو أنها سلوك فاضح ومعيب، لكن ممارسته تقتصر على الفقراء في بيوتهم الفقيرة والعشوائيين في حياتهم العشوائية.. وهذا ليس صحيحا على الإطلاق.. فالظاهرة حقيقية.. عامة.. مزعجة.. وتطال الجميع في مختلف البيوت دون فرق بين فقر وغنى وبين أكواخ أو قصور.. بل إنها تصبح أكثر تواجدا وتأثيرا في صفوف الأغنياء والقادرين أكثر من الفقراء والذين باتوا يعيشون تحت خط الفقر.. لأن الذي خسر كل شيء ولم يعد لديه أمل في شيء.. لن يخوض أي حروب جديدة لا هو ولا زوجته.. المشكلة في الذي لا زال يريد أن يملك وينجح ولا تزال تحلم وتظن نفسها قادرة وتستحق ما هو أفضل.. هؤلاء هم الذين يدفعون ثمن الفساد والفوضى والحيرة والاضطراب.. وإذا كان البعض سيرفض الربط بين ذلك وبين الأوضاع السياسية والاقتصادية فأنا بالطبع أحترمهم وأحترم رؤاهم لكنني لا أوافقهم.. فالسياسة في أبسط معانيها تعنى الاستقرار.. وبقاء نفس الوجوه لسنين طويلة لا يعنى مطلقا أي ثبات أو استقرار.. والسياسة تعنى خلق إحساس دائم لدى الجميع بأحلام وطموحات كثيرة لا تزال ممكنة.. وفسادها يعنى ضياع كل الأحلام.. وهو ما كان يجرى في مصر قبل ثورة 25 يناير