اخبار المدونة

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

اضاءات من حياة الامام الشهيد


وصف مالك بن نبي، في كتابه "وجهة العالم الإسلامي"، حسن البنا وكيف كان يتفاعل مع القرآن والجمهور، بأنه لم يكن يتلوه عليهم تلاوة، كما في معاهد التحفيظ، كما لم يكن يفسر القرآن تفسيراً، بل كان يوحيه إلى الضمائر التي يزلزل كيانها. فالقرآن لم يعد على شفتي ذلك الرجل وثيقة محايدة أو قانوناً محرَّراً، بل كان يتفجر كلاماً حياً، ونوراً آخذاً يتنزل من السماء، فيضيء ويهدي، ومنبعاً للطاقة يكهرب به إرادة الجموع، فيسير بها نحو مصير جديد، ليس على طريقة هتلر إلى الكارثة؛ فالرجل أيضاً كان خطيباً مفوهاً ، بل إلى الخير العميم، في تغيير مصير أمة كانت تتحول إلى المعاصرة مع روح القرآن العظيم لم يكن الرجل يتحدث عن ذات الله وصفاته، وهو الموضوع الذي حرصت عليه مدارس علم الكلام، فضلاً عن الشكل الذي يتشكل في ذهن طلبة معاهد التحفيظ، بل كان يتحدث عن الله الحي الذي لا يموت، القوي المتين، الفعَّال لما يريد، المتجلي على العباد بالرحمة، الذي هو معهم أينما كانوا، يسمع نجواهم وما تُخفي الصدور، تماماً كما كان المسلمون الأوائل يستحضرون ذلك المعنى، فأمكنهم بالتالي أن يكونوا صناعاً للتاريخ. وهي الروح العظيمة التي تجلت في بدر وحنين والخندق ومؤتة، وفي حوار المرأة التي تجادل الرجل و"الله يسمع تحاوركما " فالحقيقة القرآنية، كما يذكر مالك بن نبي في كتابه، تظهر هنا بأثرها المباشر على الضمير والأشياء والناس، في تولفية نادرة وخلطة ماهرة باهرة مميزة لصناعة التاريخ