اخبار المدونة

السبت، 11 يونيو 2011

الامام احمد بن حنبل والخباز


يروى أن الإمام أحمد بن حنبل خرج ذات يوم من مدينته قاصداً إحدى القرى المجاورة التي تبعد عن مدينته مسيرة يوم كامل ، وذلك طلباً للعلم ، لم يصل إلى تلك القرية إلا وأعياه التعب  فقد ظل يسير على قدميه منذ الفجر وحتى دخل القرية في وقت صلاة العشاء ، فدخل المسجد و صلى العشاء مع الجماعة ، وبعد أن انقضت الصلاة لم يشعر بنفسه من شدة التعب فغط في سبات عميق ، لم يبق في المسجد سوى الإمام أحمد ، وعندما شاهده حارس المسجد حاول إيقاظه و إخراجه من المسجد و لكنه لم يشعر به ، وقد كان الإمام نحيل الجسم ضعيف البنية فجره و أخرجه من المسجد و وضعه على عتبة أمام بيت خباز تلك القرية .
كانت القرية صغيرة فبيت الخباز و السوق بجوار المسجد ، خرج الخباز من بيته ، ففوجئ بشخص أمام بيته ، فعلم أنه غريب عن القرية ، ولاحظ علامات التعب و الإرهاق بادية على وجهه ، فأدخله إلى بيته ليؤدي واجب الضيافة ، في هذه الأثناء استيقظ الإمام أحمد من نومه ، وسلم على الرجل ، بعدها انطلق الخباز ليضيفه ، فأخذ يعجن و يخبز ، ولم يفتر لسانه عن الاستغفار ، والإمام أحمد ينظر إليه بتعجب ، وبعد أن انتهى من عمله أحضر الخبز له ، وقبل أن يأكل الإمام قال للخباز: " أراك طوال عملك تستغفر بلا فتور، فهل وجدت ثمرة للاستغفار جعلتك تداوم عليه ؟ " ، فقال الخباز: " منذ أن لازمت الاستغفار و أنا لم أدع الله دعوة إلا و استجابها لي ، إلا دعوة واحدة أدعو الله بها دائماً و لم تتحقق لي إلى الآن " ، فقال الإمام: " أخبرني بها حتى أدعو أن يحققها الله لك " ، فقال الخباز: " إني أدعو الله أن يجمعني بالإمام أحمد بن حنبل حتى أستفيد من علمه قبل أن أموت " – وقد كانوا يسمعون عن الإمام أحمد و عن علمه ، و لكن لقلة وسائل الاتصال في ذلك الزمن لم يلتقوا به – في هذه اللحظة بكى الإمام أحمد و قال للخباز:
" والله لقد جُررت إليك جرا " ..
فسبحان الله ، الذي لم يضيع عمل ذلك الخباز و حقق له ما أراد ..
فيا من أصابتكِ الهموم ، و تكالبت عليكِ الغموم ، و ضاقت عليكِ الأرض بما رحبت ..
يا من غرقت في المعاصي و وشغلتك بالدنيا عن الدين ..
يا من دعوتِ الله مرارا ، و لم يُستجب لك ، و أوشكتِ أن تقنط من رحمته سبحانه ..
يا من شكوت همك لمن لا يملك لكِ ضراً ولا نفعا .. يا من ارهقتك هموم العمل و ضغوط الدراسة ..
هلا .. أفقت من سباتك ، و واستغفرت  الغفور الرحيم ..
أما علمتِ أن لك رباً كريماً لا يبخل يقول في محكم كتابه: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * و يمددكم بأموال و بنين و يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا)
و يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا و من كل هم فرجا و رزقه من حيث لا يحتسب ) رواه أبو داود