اخبار المدونة

الأحد، 8 مايو 2011

ولايوم الطين


الملك "المعتمد" ..والجارية " اعتماد" .. ولا يوم الطين
في ذلك العصر الغابر في الأندلس.. عصر ملوك الطوائف.. الذي جاء بعد موت محمد ابن ابي عامر المنصور ..ذلك الوزير الداهية.. الذي استبد بالحكم بعد موت الخليفة.. الحكم من دون ولده هشام المؤيد بالله. لينهى بذلك حكم بني أمية.. في الجزيرة الذي استمر قرابة اربعمئة عام ..منذ ان اسسها و حكمها عبد الرحمن الداخل. فبعد موت ابن أبي عامر المنصور.. و قد كان حاكما قويا و يدفع له الجزية من قبل ملوك القوت "الأسبان"..ضعفت البلاد.. و حدثت المؤامرات والفتن ..و بدأت القبائل بالإستقلال بالأطراف. و كان أول من بدأ بالاستقلال" بنو عباد في اشبلية".. ثم بنو زيري في غرناطة.. ثم بنو هود في سرقسطة.. ثم بنو ذي النون في طليطلة.. ثم بنو عامر في بلنسية.. ثم بنو الأفطس في بطليوس.. و بقيت قرطبة في يد بني حمود ثم بني جهور..
  زواج الامير " محمد بن عباد" بالجارية "اعتماد الرميكة "
و في ذلك العصر ..كان "محمد بن عباد" ولد الخليفة المعتضد بالله الطاغية.. ملك اشبلية.. يتمشى مع صاحبه و وزيره ..فيما بعد ابن عمار عند مرج الفضة. و كان على عكس ابيه.. شاعرا رقيق القلب ..يختلط بالعامة.. و بينما هما يتمشيان عند ضفاف النهر ..نظر محمد الى تموجات النهر بفعل الرياح ..و قال
"صنع الريح من الماء زرد"
و طلب من ابن عمار ان يجز اي ..ان يكمل ببيت اخر من الشعر.. و قد كان ابن عمار نفسه شاعرا. و أخذ ابن عمار يفكر
"صنع الريح من الماء زرد"
ثم ماذا يا ابن عمار ..و لكن دون جدوى.. كأن الله أراد أن يخرسه.. لينطق تكملة البيت على لسان الجارية"اعتماد" ..التى سمعتهما.. بينما هي تغسل الثياب عند حافة النهر.. فأكملت قائلة..
"أي درع لقتال لو جمد"
مكملة صدر البيت الشعري الذي نطق به الامير ..
فكان هذا البيت سبب سعدها ..وشقائها فيما بعد. فما ان وقعت عين محمد بن عباد عليها ..حتى افتتن بجمالها ..كما افتتن بسرعه بديهتها وذكائها .
و عرف "محمد بن عباد" ..انها جارية عند الرميك ابن الحجاج تخدم زوجه.. فأرسل الخدم و المزينات ليخطبوها له و يحملوها اليه لا كجارية.. و لكن "كزوجة حرة". فلم يكن حاجته اليها حاجه الجسد التي تنقضي بإنقضاء اللذة و لكن حاجته اليها كانت حاجة الجوارح و الفؤاد ..تلك الحاجات التي لا تنقضي الا بمفارقة الروح الجسد ..و لذلك لم يضمها الي جواريه و قد كان ذلك هينا عليه..
و كان محمد ولها بها ..لا يصبر على فراقها ساعة.. يكن لها محبة خاصة .. حتى اذا مات ابوه المعتضد.. و تولى من بعده الحكم ..اشتق لقب الملك من حروف اسمها ..فسمى نفسه.. "المعتمد بالله بن عباد"..من اسم الزوجة " اعتماد" ..الجارية سابقا .. لتخلد محبته لها في اخبار التاريخ ..عاشت معه في رفاهية وعز فاق الوصف.. وحظيت عنده حتى كان لايرد لها طلبا ..
قصة المثل " ولا يوم الطين"
وفي يوم من الأيام .."الملكة اعتماد" ..دائما اذكر " الجارية سابقا" ..رأت نساء من البادية يبعن اللبن ..وقد شمرن عن سوقهن ..وسواعدهن..يخضن في الطين ..
فقالت اعتماد : اشتهي أن أفعل أنا وبناتي.. كفعل هؤلاء البدويات .. فما كان من "ابن عباد" الملك طبعا..الا ان بادر الى تلبية طلبها.. ولكن بطريقة البذخ ..والتبذير المفرطة.. التي كلفت خزينة دولته أموالا طائلة ..حيث أمر بالعنبر والمسك والكافور.. فسحق بماء الورد.. ليكون في هيئة الطين ..واحضر القرب والحبال.." لاعتماد الملكة" و"بناتها الاميرات".. فحملن القرب والحبال ..ورفعن عن سوقهن ..وخضن في طين العنبر والمسك والكافور .
ويقولون : في يوم غاضبها المعتمد بن عباد في بعض الأيام , فأقسمت أنها لم تر منه خيراً قط  فقال : ولا يوم الطين ؟ فاستحيت واعتذرت
و انجبت له "اعتماد".. البنين و البنات ..و كان يدعوها "بأم الربيع".لم تكن فقط امرأة جميلة.. و لكنها كانت صاحبة عقل ناضج رغم صغر سنها .. و رأي سديد رغم جهلها باصناف العلوم.. و كان زوجها الملك ..يرجع إليها في كثير من أمور الدولة