الأوضاع ساءت سيدي
الرئيس لدرجة التذمر في صفوف قوات الأمن, وساءت لدرجة الترقب الدقيق لردود فعل
القوات المسلحة, وساءت لدرجة الاستهانة بدعوة الحوار مع رئيس الدولة, وساءت لدرجة
الاستهتار بقرار جمهوري حول الطوارئ أو حظر التجول, وساءت لدرجة السخرية من رمز
الدولة في الفضائيات علي ألسنة بلطجية في بعض الأحيان, وساءت لدرجة وضع العربة
أمام الحصان في صورة مبادرات لا تعدو عن كونها إشعالا للأزمة, وساءت لدرجة التهديد
بانتخابات رئاسية بمنأي عن سلطة الدولة, وساءت لدرجة إعلان انفصال هنا أو استقلال
هناك, وساءت لدرجة الطعن في السلطة القضائية, والافتئات علي التنفيذية, وساءت
لدرجة إشعال الحرائق في المنشآت العامة والسطو علي الخاصة, وساءت لدرجة الانهيار
اليومي لسوق الأوراق المالية والناتج المحلي, وساءت لدرجة تشكيل عصابات مسلحة
مدربة بالخارج, وساءت لدرجة تفشي ممارسات القتل والخطف والنهب والاغتصاب, وساءت
لدرجة سقوط هيبة الدولة علي كل المستويات.. فماذا تبقي إذن؟!.
سيدي الرئيس لقد أخطأت
حين دعوت ما تسمي جبهة الإنقاذ للحوارفالجبهة بكل ما يحيط بها من هالة إعلامية
داخلية وخارجية لا تستطيع بأي حال السيطرة علي أو التأثير في مائة صبي يثيرون
الفوضي هنا أو هناك, بالفعل الجبهة لا وجود لها في الشارع, وإلا لظهرت كراماتها في
صناديق الانتخابات وأثبت قادة الجبهة
بذلك أن قضيتهم ليست مصر واستقرارها وأمنها, وإنما الهدف أولا وأخيرا هو كرسي
الحكم, ولكن لأن قادة الجبهة علي يقين من أنهم لن يستطيعوا تحقيق هذا الهدف عن
طريق الصناديق, فراحوا يبتزون ويضغطون ويتحدثون عن تقسيم سلطة, وتقسيم مصالح, وكأن
مصر أصبحت غنيمة لهؤلاء وأولئك
وقد أخطأت سيدي الرئيس
مرارا حين تركت الشارع يزداد توترا, وكلما تفاقمت حدة التوتر قررت اعتبار مجموعة
ما شهداء, وقررت لمجموعة أخري معاش الشهداء, والإفراج عن مجموعة ثالثة عاثت خرابا
ودمارا, والتراجع عن قرار ما لحساب مجموعة رابعة, إلي أن توج كل ذلك بقرارات
شابتها عيوب واضحة, وهي الخاصة بمدن القناة, ولذلك كان من الطبيعي تحدي هذه
القرارات منذ اللحظة الأولي, بالتزامن مع مزايدات من الجبهة, وما أدراك ما
الجبهة؟!.
الأزمة الرئيسية,
الآن, هي أننا شعب يريد أن يعيش ويستقر, ودعونا نعترف بأنه لن يتحقق لا العيش ولا
الاستقرار في ظل هذا الوضع, وحتي لو كان هناك حوار, فهو حوار طرشان, فئة تحكم,
وفئة أخري ترفض هذا الحكم: الفئة الأولي ترتكن إلي شرعية, والثانية تلوح بإشعالها
نارا وهي بذلك لم تعد قوي معارضة, وإنما مراكز قوي داخل الدولة,
إما أن يستفيد نظام الحكم من نظرية الرئيس السادات في التعامل معها, أو أنها سوف
تبادر باستعارة هذه النظرية, أو
أن تستعيد جهة ثالثة تترقبها الأنظار الآن زمام المبادرة, لتريحنا من هذا وذاك قبل
خراب, اخشي ان يكون قريبا, بأيد محلية وأموال أجنبية.
بالفعل.. الصبية الذين
يعيثون في مصر فسادا الآن ليسوا ثوارا, وليسوا قوي سياسية, فلا يمكن التصديق بأن
حرق الفنادق وترويع السائحين يأتي في إطار الاعتراض علي الدستور, أو علي الحكومة
القائمة, كما لا يمكن أبدا أن يكون قطع الطرق والكباري, وخطوط مترو الأنفاق,
والسكك الحديدية; في إطار احتجاجات سياسية, كما لا يمكن أن يكون التخريب المنظم
للمقنعين والملثمين في محافظات مصر المختلفة مصادفة, أو من قبيل توارد الخواطر, بل
هناك ما هو أكثر من ذلك, وهو أن الأدلة أصبحت واضحة تجاه إنفاق يتم ببذخ علي من
يقومون بهذه الأفعال, وأعتقد أن أجهزة الدولة الرسمية تستطيع تحديد من يقف وراءها,
وفي هذه الحالة يجب التعامل مع هذه القضية بحسم
أعتقد أن..
تصريحات
الفريق أول عبدالفتاح السيسي, وزير الدفاع, قبل يومين, خلال لقائه طلبة الكلية
الحربية كانت خطيرة بما يكفي لترجمة المشهد الراهن, حينما أكد أن التحديات
والإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجه مصر حاليا تمثل
تهديدا حقيقيا لأمنها وتماسكها, محذرا من أن استمرار صراع مختلف القوي السياسية, واختلافها حول إدارة شئون
البلاد قد يؤدي إلي انهيار الدولة, ويهدد مستقبل الأجيال القادمة, وأن استمرار هذا
المشهد دون معالجة من جميع الأطراف يؤدي إلي عواقب وخيمة