يروى أن الإمام أحمد بن حنبل خرج ذات يوم من مدينته قاصداً إحدى القرى المجاورة التي تبعد عن مدينته مسيرة يوم كامل ، وذلك طلباً للعلم ، لم يصل إلى تلك القرية إلا وأعياه التعب فقد ظل يسير على قدميه منذ الفجر وحتى دخل القرية في وقت صلاة العشاء ، فدخل المسجد و صلى العشاء مع الجماعة ، وبعد أن انقضت الصلاة لم يشعر بنفسه من شدة التعب فغط في سبات عميق ، لم يبق في المسجد سوى الإمام أحمد ، وعندما شاهده حارس المسجد حاول إيقاظه و إخراجه من المسجد و لكنه لم يشعر به ، وقد كان الإمام نحيل الجسم ضعيف البنية فجره و أخرجه من المسجد و وضعه على عتبة أمام بيت خباز تلك القرية .
كانت القرية صغيرة فبيت الخباز و السوق بجوار المسجد ، خرج الخباز من بيته ، ففوجئ بشخص أمام بيته ، فعلم أنه غريب عن القرية ، ولاحظ علامات التعب و الإرهاق بادية على وجهه ، فأدخله إلى بيته ليؤدي واجب الضيافة ، في هذه الأثناء استيقظ الإمام أحمد من نومه ، وسلم على الرجل ، بعدها انطلق الخباز ليضيفه ، فأخذ يعجن و يخبز ، ولم يفتر لسانه عن الاستغفار ، والإمام أحمد ينظر إليه بتعجب ، وبعد أن انتهى من عمله أحضر الخبز له ، وقبل أن يأكل الإمام قال للخباز: " أراك طوال عملك تستغفر بلا فتور، فهل وجدت ثمرة للاستغفار جعلتك تداوم عليه ؟ " ، فقال الخباز: " منذ أن لازمت الاستغفار و أنا لم أدع الله دعوة إلا و استجابها لي ، إلا دعوة واحدة أدعو الله بها دائماً و لم تتحقق لي إلى الآن " ، فقال الإمام: " أخبرني بها حتى أدعو أن يحققها الله لك " ، فقال الخباز: " إني أدعو الله أن يجمعني بالإمام أحمد بن حنبل حتى أستفيد من علمه قبل أن أموت " – وقد كانوا يسمعون عن الإمام أحمد و عن علمه ، و لكن لقلة وسائل الاتصال في ذلك الزمن لم يلتقوا به – في هذه اللحظة بكى الإمام أحمد و قال للخباز:
" والله لقد جُررت إليك جرا " ..
فسبحان الله ، الذي لم يضيع عمل ذلك الخباز و حقق له ما أراد ..
فيا من أصابتكِ الهموم ، و تكالبت عليكِ الغموم ، و ضاقت عليكِ الأرض بما رحبت ..
يا من غرقت في المعاصي و وشغلتك بالدنيا عن الدين ..
يا من دعوتِ الله مرارا ، و لم يُستجب لك ، و أوشكتِ أن تقنط من رحمته سبحانه ..
يا من شكوت همك لمن لا يملك لكِ ضراً ولا نفعا .. يا من ارهقتك هموم العمل و ضغوط الدراسة ..
هلا .. أفقت من سباتك ، و واستغفرت الغفور الرحيم ..
أما علمتِ أن لك رباً كريماً لا يبخل يقول في محكم كتابه: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * و يمددكم بأموال و بنين و يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا)
و يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا و من كل هم فرجا و رزقه من حيث لا يحتسب ) رواه أبو داود